إلى دفتري
ما لي وللدنيا , ومالي
وللناس , وما لي وللحياة بأسرها
, لطالما إنني أعيش معك , ولطالما إنني أظل أصاحبك , فإنك لأعز من كل عزيز, وأنت الونيس
والرفيق, ولطيف المعشر , يا زينة حياتي وربيع عمري , ما كنت لأمضي ساعة من حياتي
إلا وأرمقك , فيطمئن بذلك قلبي ويرتاح بالي , فإنك يا دفتري تحتمل مني كل ما انقله
لك , تحتمل مني ما أحدَّث به في النهار إذا أسفر , وفي الليل إذا هبط , وأي أحد
يحتمل هذا غيرك , فإني يا دفتري كثير الشكوى إليك, وأحدثك بما لم أحدَّث به أحد من الناس , فأنت تستمع إليَّ
في كل حين , وغيرك يصم أذنيه للأ يسمع.
وقل إن شئت لا يرغب
بالاستماع .
مضيت معك سنوات طوال منذ
كان عمري الرابعة عشرة من عمري , فأخرجت منك علوماً كثيرة ,كنت لي رفيق درب , لم ألق
له مثيلاً, حافظاً للسَّر, ألقي إليك من أحاديث النهار والليل , ما كنت يا دفتري
أملَّ من التحدث إليك عبر قلمي , بل وكنت أختار أجود الأقلام وأجملها, وأختار
ألوان منها شتى , لأزينك ولأجعلك جميلاً
بما يليق بك , ولـمَ لا يا دفتري , وأنت أجمل شيء أتخذه نديماً في حياتي .
وإن نأيت عنك ساعة أو
ساعتين , يصيبني القلق والهم , وإن عدت إليك واستقبلتني بحفاوة المشتاق عاد الهدوء
إلى نفسي واطمئن قلبي , لقد قصصت عليك كثير من القصص , وأمليت فيك كثير مما يختلج
في صدري , ولا يهدأ لي بال إلا وأسرَّ إليك بعض الأسرار , فكنت يا دفتري حافظاً
لتلك الإسرار , خافياً ما ألقيه عليك عن الأنام .
فما كنت لتفشي عني سراً
, فكم أبحت إليك بأحزاني وما ألاقي في حياتي من خطوب هذه الحياة , وما كنت في يوم
من الأيام أفشي لأحد من الناس هذه الأحاديث التي ألقيها عليك , فليس في الناس من
يحتمل كتم الأسرار سواك .
وبعد : اعلم يا دفتري
إننا نكون معاً في هذه الحياة , وهي ليست بباقية لنا , إنما صحبتي معك إلا ما قدره
الله لي أن أعيشه, ولست أدري متى يكون الأجل , فمتى , قل علم ذلك عند الله .
وإن غيبني القدر عنك ,
فإن لي معك صحبة لن تنسى إن شاء الله , فإني لا اعلم متى يكون هذا الفراق , وإنما
هذه الحياة سنين قد قدَّر لنا فيها أن نعيشه , فلنمضي يا دفتري على الودِ , فلعل الله يكتب علينا فيما نحب , لا فيما نكره
, والسلام .
22/11/1435هـ
17/9/2014م