الجمعة، 3 أبريل 2015

اليأس المقيت !!


المتشائم !!


دع القلق !!!



كل إنسان في هذه الحياة تنتابه شيء من القلق  , وهذا أمر طبيعي أن يقلق الإنسان من أمر قد أشغله , فزاد تفكيره وكاد يعصف به نتيجة إطالة التفكير , فإذا ما طال هذا التفكير وأشغله يزداد حدة قلقه , كخوفه على مستقبله , أو كخوفه من أمر من أمور الدنيا , ولكن هذا القلق لا يدم طويلاً إذا ما لازمنا هذا الخوف , فالقلق إذا ما أستفحل زاد توتره , فإنه ولا ريب صبح مرضاً قد لا يستطع المرء  الفكاك منه إلا بصعوبة أو بأخذ دواء يزيل من نفسه هذا القلق .
والمهم من ذلك كله كيف ينعم الإنسان من هذا القلق , الذي ستصبح داء يصيب الإنسان وهو لا يعلم بذلك , وأعراضه كالصداع , والأرق , وضربات القلب , وكذلك الرجفة , وآلام الصدر ,  فإذن هذه من أعراضه وهي معكرة لحياته إذا ما أستمر على قلقه وخوفه , فليس طيباً أن نشغل أنفسنا في شيء من الأمور هي في حقيقتها تجلب المرض , وتسوقنا نحو الهاوية , وهنا يأتي أمر التوكل على الله , عليك أن تدرك ملياً أنه ليس القلق والتفكير في أمر الدنيا وما يجلب لك الهم والتفكير المتصل ما يدعوك في آخر الأمر أن تقلق , فأعمل ما وسعك العمل , وأن أخفقت فإنك هذا الإخفاق سيجلب لك النجح , ولعلك تفشل في شيء وتنجح في شيء , إذن أنظر لحياتك من زوايا متعددة لا من زاوية واحدة , وهنا يأتي الهدوء إلى نفسك , عش في استرخاء دائم , عش بلا تفكير متصل , عالج الأمور في هدوء دون قلق  ,  فعلاج مشاكلنا سهلة إذا ما سهلت وتكون عسيرة إذا ما عسرت , فالهدوء والاسترخاء هما عنصران مهمان بل قل إن شئت أساسيان لراحتنا , فلا نقتل أنفسنا لأجل أشياء ربما هي بحاجة للصبر والتوكل على الله تعالى , فالقلق ما هو إلا قاتل , كالسم الزعاف , فكن هادئ النفس , وأضحك للدنيا لتضحك لك , ودع كل ما يقلقك ويعكر عليك صفوك .
والقرآن الكريم هو شفاء لما في الصدور , شفاء من كل هم وغم , فإنه ولا ريب يقضي على كل القلق والتوتر , والله تعالى يقول : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ الرعد : 28] . قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى :أي يزول قلقها واضطرابها , وتحضرها أفراحها ولذاتها.
وذكر البخاري ومسلم في تصحيحيهما : عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه , قال : دخل رسول الله ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة , فقال :(( يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في غير وقت الصلاة ؟ )) , قال : يا رسول الله هموم ركبتني وديون لزمتني , قال : (( أفلا أعلمك كلاماً إذا قلتهُ أذهب الله همك , وقضى دينك ؟)) , قال : بلى يا رسول الله , قال ﷺ :  قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن , وأعوذ بك من العجز والكسل , وأعوذ بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال )) , ففعل ذلك فأذهب الله عنه همه وقضى دينه .
 *يقول الدكتور بيتر كلار [ أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا بأمريكا] : إن القلق يفقد الإنسان بهجة الحياة , مما يجعل الإنسان يصاب باليأس , فلا يهتم بصحته , مما يجلب على نفسه الشيخوخة المبكرة .
*وسئل رجل معمر تجاوز مائة وعشرون عاماً وما زال قوياً , كله حيوية ونشاط : ما سرّ شبابك يا عجوز ؟
فقال : سرّ قوتي في ثلاث : لا أحمل هماً لغدٍ , لا أحمل بغضاً لأحد , لا أحمل لنفسي نكداً .
يقول هنري وورد بيتشر : العمل لا يقتل البشر إنما القلق هو الذي يقتلهم , فالعمل صحي , والقلق صدأ يعتري المدية .
وإذن لندع القلق فإنه لا يورث إلا الاكتئاب والتوتر والحزن .
*قال المتنبي :
الحزن يقلقُ والتجملُ يردعُ     والدمع بينهما عصيُّ طَيَّعُ
  *وفي المثل الصيني يقال: إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الحزنِ من أن تحَلق فوق رأسك , ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشش في شعرك .
*وقال قول بولندي : القلبُ المملوء حُزناً كالكأس الطافحة , يَصعبُ حمَلهُ .
الأربعاء 22/11/1432هـ   

الحياة كفاح متصل



الحياة بمجملها شاقة عسيرة , ولذا هي بحاجة لكفاح متصل , لعمل دائب , فالذين يعيشون هذه الحياة الدنيا دون أهداف يعملون لتحقيقها , هم في الحقيقة كالأموات , فهؤلاء اختاروا حياة البطالة , والراحة والكسل , فلا يعتقدون أن الحياة في أصله كفاح لأجل أهداف من المفترض أن يكافح الإنسان من أجلها للوصول إليها ولو بعد حين من الزمن , فالذين يختاروا راحة الجسم أجزم بأنهم لا يختاروا راحة البطن , فهؤلاء كالأنعام يأكلوا ويناموا ويتلذذوا بلذة الحياة والتي بطبيعتها قصيرة لا تدوم طويلاً .
لأنهم بطبيعة الحال الذي يعيشونه لا يفضلون الكفاح الذي هو العمل دون ملل أو كلل , ولعلك تراهم أصحاب كروش لا أصحاب عمل , محبب لديهم النوم والراحة , عن العمل الشاق , ومثل هؤلاء لا خير منهم يرجى لصنع عمل محمود , بل هم كشوك قد زرع في وسط مجتمع من المجتمعات , فأصبحوا عالة عليهم .
قال لي أحد الذين كافحوا في حياتهم , وكانوا من الذين عانوا الفقر والبؤس والشقاء , ولكنهم لم يستسلموا لها , لأن الحياة الدنيا هي في أصلها شقاء , فيولد رجالاً يصنعون لأنفسهم نجاحاً غير مسبوق ,  قال : كنت أعمل في شركة قبل أكثر من أربعون عاماً , وأتقاضى راتباً لا يتعدى تسعون ريالاً , وكنت أسكن بإيجار قيمته سبعون ريالاً , ولا يتبقى معي سوى عشرون , فلا يكفي لمعيشتي وأسرتي وطفلتي , بل لا يكفي لشراء حليباً لها ,  فقررت أن أزيد في دخلي في إيجاد عمل آخر , فلم أجد بد من أن أصنع عربة من خشب وأضع عليها بضاعة وأسير بها في حي من تلك الأحياء فأبيع ما عندي من البضاعة , وكانت البضاعة عبارة عن فواكه وخضار , وحين وقت صلاة العشاء أعود إلى بيتي وقد فرغت تلك البضاعة , ومرت السنوات وأنا على ذلك الحال , ولعلها خمس أعوام , ثم قدمت استقالتي من تلك الشركة التي اعمل فيها , وبحثت عن عمل آخر يدفع راتب أكثر , فوجدت شركة أخرى تدفع راتب لا بأس به , فأعمل في تلك الشركة منذ الصباح الباكر وحتى العصر , ثم أعود إلى بيتي وأتناول طعام الغداء مع أسرتي والتي أصبحت مكونة من أربع بنات وزوجتي , والراتب لا يغطي كل ما تحتاجه أسرتي , فأخذت أعمل على البيع من خلال تلك العربة , ولا أعود إلا في وقت العشاء , وأزداد دخلي وأحببت طريقة البيع والشراء , وبدأ يراودني التفكير أن أستقيل من تلك الشركة وأتفرغ للتجارة , ولكن لا أملك رأس مال , فبقيت في الشركة أكثر من خمس أعوام , حتى وجدت عندي من المال ما يكفي لأن أستقيل وأعتمد على نفسي في التجارة فهي رائجة وتزيد في الدخل أكثر , فاستقلت من الشركة وأخذت منها جميع حقوقي المالية , وبنيت به سكناً لأسرتي والذي بلغ عدد أفرادها ثمانية , ومن ثم استطعت أن أفتح دكاناً لأبيع فيه , والحمد الله الآن أصبحت سيد نفسي , وأعيش حياة هانئة مطمئنة .
قلت : ومثل هذا الرجل رجال قليلون عاشوا حياة فقرٍ وبؤسٍ , ولكنهم لم يستسلموا لها , بل كافحوها بالعمل حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من حياة بها راحة بعد عناء , وغنى بعد فقرٍ , وطمأنينة بعد هم , فمن المستطاع أن يغير المرء مسار حياته من حال إلى حال ولكن بمجهود متصل لا توقف فيه , ومن سار إلى الدرب وصل , وبعد تضحية ومشقة بمقدوره أن يغير ذلك , والحياة هذه لا تريحك حتى تأخذ منك , ومثل هذا عرفوا كيف يشقون طريقهم الوعر والمليء بالوحل , بالصبر والعزيمة , دون يأس يداخلهم أو فتور يثبطهم , ومثل هؤلاء يتبعون غداً مشرقاً , غداً كله هناء بعد عناء .
لم يفقدوا حماسة الانطلاق نحو الحياة الشاقة , بل كانت نفوسهم  مشتعلة بالأمل , بل قل إن شئت بالعمل دون غيره . فحياة الفقر والبؤس ما هو إلا عامل يصنع منك أيها الإنسان الكفاح لحياة هنيئة .
*قال ضياء الدين أبو الحب : إن الحياة معركة كبرى , لابد أن يخوضها الإنسان بعزم وتصميم , وعليك أن تدخل المعركة مسلحاً بالشجاعة والثبات والصمود , لتنعم حقاً بالفوز المبين.
*وفي الحكة الهندية يقال : من رام النجاح والفلاح في هذا العالم فعليه أن يتغلب على أسباب الفقر السبعة : النوم , التراخي , الخوف , الغضب , الكسل , المماطلة , إضاعة الوقت .
*وقال فهمي إبراهيم غطاس : إن الحياة ميدان شاق , شاق جداً , والنجاح في الحياة فن عسير , له أسراره الخاصة التي لا يعرفها إلا القليلون .
*وقال وليم بن : لا راحة بدون تعب , وعروش بدون مسؤوليات جسام , ولا حصاد بدون زرع , ولا سبق دون مباراة , ولا لذة دون ألم , ولا نصر دون كفاح , ولا بد للشهد من إبر النحل وهكذا الحياة .
*وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لأن أموت أضرب في الأرض أبتغي من فضلِ الله ِ أحبُّ إليَّ من أن أقُتل مجاهداً في سبيل الله ِ , لأن الله تعالى قدم الذين يضربون في الأرضِ يبتغون من فضلهِ على المجاهدين .
*وقال أيضاً : تعلموا المهنة فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم على مهنته .
*وقال أيضاً : من يأكل ولا يعمل موتهُ خير من حياته , وعدمه خيرُ من وجوده .
*وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : من قصر في العمل ابتلي بالهم .
*وقال أيضاً بركة العمر حُسن العمل .
*وقال أيضاً : الاكتساب من الحلال جهاد , وإنفاقك إياهُ على عيالك وأقاربك صدقة , ولدرهم حلال من تجارةٍ أفضل من عشرٍ من غيره . 
*وقال معروف الرصافي :
              ليس للمرء أن يعيش بلا كدُّ
                                                        وإن كان من عظام الرَّجال
*وقال أبو العتاهية :
         ما أحسن الشغلَ في تدبير منفعةً 
                                     أهل الفراغ ذوو خوضٍ وإرجافِ
*وقال أحمد شوقي :
        وما نيلُ المطالبِ بالتمني     ولكن تُؤخذ الدنيا غِلَاباً
*وقال فرانكلين : أعرق تنجح .

الاثنين 19/11/1432هـ

صديق الناس !!


من تركه ظل في الظلمات حيران !!