الجمعة، 13 فبراير 2015



إلى دفتري
ما لي وللدنيا , ومالي وللناس , وما لي وللحياة بأسرها , لطالما إنني أعيش معك , ولطالما إنني أظل أصاحبك , فإنك لأعز من كل عزيز, وأنت الونيس والرفيق, ولطيف المعشر , يا زينة حياتي وربيع عمري , ما كنت لأمضي ساعة من حياتي إلا وأرمقك , فيطمئن بذلك قلبي ويرتاح بالي , فإنك يا دفتري تحتمل مني كل ما انقله لك , تحتمل مني ما أحدَّث به في النهار إذا أسفر , وفي الليل إذا هبط , وأي أحد يحتمل هذا غيرك , فإني يا دفتري كثير الشكوى إليك, وأحدثك بما  لم أحدَّث به أحد من الناس , فأنت تستمع إليَّ في كل حين , وغيرك يصم أذنيه للأ يسمع.
وقل إن شئت لا يرغب بالاستماع .
مضيت معك سنوات طوال منذ كان عمري الرابعة عشرة من عمري , فأخرجت منك علوماً كثيرة ,كنت لي رفيق درب , لم ألق له مثيلاً, حافظاً للسَّر, ألقي إليك من أحاديث النهار والليل , ما كنت يا دفتري أملَّ من التحدث إليك عبر قلمي , بل وكنت أختار أجود الأقلام وأجملها, وأختار ألوان منها شتى ,  لأزينك ولأجعلك جميلاً بما يليق بك , ولـمَ لا يا دفتري , وأنت أجمل شيء أتخذه نديماً في حياتي .
وإن نأيت عنك ساعة أو ساعتين , يصيبني القلق والهم , وإن عدت إليك واستقبلتني بحفاوة المشتاق عاد الهدوء إلى نفسي واطمئن قلبي , لقد قصصت عليك كثير من القصص , وأمليت فيك كثير مما يختلج في صدري , ولا يهدأ لي بال إلا وأسرَّ إليك بعض الأسرار , فكنت يا دفتري حافظاً لتلك الإسرار , خافياً ما ألقيه عليك عن الأنام .
فما كنت لتفشي عني سراً , فكم أبحت إليك بأحزاني وما ألاقي في حياتي من خطوب هذه الحياة , وما كنت في يوم من الأيام أفشي لأحد من الناس هذه الأحاديث التي ألقيها عليك , فليس في الناس من يحتمل كتم الأسرار سواك .
وبعد : اعلم يا دفتري إننا نكون معاً في هذه الحياة , وهي ليست بباقية لنا , إنما صحبتي معك إلا ما قدره الله لي أن أعيشه, ولست أدري متى يكون الأجل , فمتى , قل علم ذلك عند الله .
وإن غيبني القدر عنك , فإن لي معك صحبة لن تنسى إن شاء الله , فإني لا اعلم متى يكون هذا الفراق , وإنما هذه الحياة سنين قد قدَّر لنا فيها أن نعيشه , فلنمضي يا دفتري على الودِ ,  فلعل الله يكتب علينا فيما نحب , لا فيما نكره , والسلام .
22/11/1435هـ
17/9/2014م
 

آمال خادعات
قد مضى من عمره سنين طوال , ينتظر بزوغ الفجر الجديد والذي من ضوءه الباهر الجميل, يخرج من ظلمة البؤس الطويل, والشقاء الذي سطر حياته أوجاعاً , أخذ ينتظر وينتظر, وكان كل ما حلَّ الليل, وعليه هبط, يقول في ذات نفسه: ستشرق شمس الصباح , و ينساب بذلك الأوجاع .
كان كثير الأمل والتفاؤل , لم يكن يائساً بالرغم من أنه ظل عبر هذه السنوات بائساً محزوناً .
ما أصعب العيش أن تموت في داخلنا الآمال العراض , فأضحت كلها أوهام وسراب , فتسوقنا إلى الإحزان , وتدمع العيون, وتدمي القلوب ,  و لا راحة تستديم , ولا خُلة تسُر , فلا تأمل لشيءٍ قد لا يكون  فتصاب بصدمة , فلا تفيق منها إلا وأنت دامع العين , فلا من يفك أسرك من سجن الكروب , والنفوس حين تراك في تقلبك مهموم مكسور , وأنت محروم , تلوم, وربما يضحكون, ويقولون: هذا ما جناه عليك الأمل الكذوب , ويحك ماذا فعل بك , وما جنايتك, أتطلب أمراً عاندك فيه القدر , وأسلمك للقهر , وسواك أضحوكة للبشر, وإن طلبت سلامةً فخذ بالسبب , وعجل في الطلب , قبل الفوت والندم .
الناس لا يحققون فيما عليه هذا الفتى , فالكل يقول ولا يفعل , وكثير منهم يواسون وقلوبهم في سعدٍ , يا لها من نفوس كاذبة خادعة , تشبه الأحلام التي تظهر في المنام , تصور لك الجمال, فسرعان ما تكون كأضغاث أحلام .
الاثنين 27/11/1435هـ
 22/9/2014م